محاضرة مجمع اللغة العربية حول (الأمثال بين التأصيل اللغوي والاستنباط الفقهي)

نظّم مجمع اللغة العربية بطرابلس صباح يوم السبت 14 يونيو الجاري محاضرة علمية جديدة في إطار برنامجه الثقافي والعلمي حملت عنوان “الأمثال بين التأصيل اللغوي والاستنباط الفقهي”، ألقاها الدكتور سالم عمران شعيب، الأستاذ المحاضر بكلية العلوم الشرعية-مسلاتة بالجامعة الأسمرية الإسلامية ، وذلك بقاعة المحاضرات بمقر المجمع، بحضور نخبة من المهتمين والباحثين. تولى إدارة وتقديم المحاضرة الدكتور عبد الله محمد الزيات، عضو المكتب التنفيذي بالمجمع.

جذور المثل في اللغة العربية
استهل الدكتور شعيب مداخلته بالإشارة إلى الجذور اللغوية للمثل في العربية، منوهًا إلى تعدد تصريفاته وتنوع دلالاته في النص القرآني، مستعرضًا جهود المفسرين في هذا الباب، وعلى رأسهم الإمام ابن جرير الطبري، الذي وصفه بـ”إمام المفسرين” واعتبره مرجعًا أساسيًا في تفسير ألفاظ القرآن، ومنها لفظ “المثل” في مختلف صِيَغه.

وأوضح شعيب أن المثل في اللغة يعبّر عن الشبه والمماثلة، مستشهدًا بأقوال لغويين ومفسرين، وتطرق إلى إحصائيات دقيقة تبين ورود كلمة “مثل” ومشتقاتها في القرآن الكريم 180 مرة، حيث جاءت في 86 موضعًا بمعنى التشبيه أو النظير، وفي 80 موضعًا بمعنى المساواة التامة، فيما وردت 21 مرة في سياق الوصف، و14 مرة بصيغة “كمثل”.

خصائص الأمثال
فيما عرج الدكتور شعيب على البعد الفقهي والاستنباطي للأمثال القرآنية، مستعرضًا ما أورده العلماء في هذا السياق، وخصوصًا الإمام الزركشي في كتابه “البرهان”، حيث أشار إلى أن للأمثال في القرآن وظائف متعددة منها: الوعظ والتذكير، والزجر، والاعتبار، وتقرير المفاهيم، وترسيخ الحقائق، وبيان الفروق بين المدعي والمحق، وإيضاح تفاوت الأجر والثواب والعقاب.

كما أكد شعيب أن المثل في القرآن الكريم ليس مجرد أداة بلاغية، بل يُعد وسيلة تربوية وتعليمية ذات أبعاد عقلية وروحية، تسهم في تكوين الوعي الشرعي والفكري لدى المتلقي، وتساعد في استجلاء المعاني العميقة للنص القرآني.

واختُتمت المحاضرة بنقاش مفتوح بين الدكتور المحاضر والحضور، حيث طُرحت أسئلة وتعقيبات متنوعة حول إمكانات تفعيل الأمثال القرآنية في الخطاب المعاصر، وسبل إعادة توظيفها في المناهج التعليمية والوعظية.

الجدير بالذكر أن هذه المحاضرة تجيء في سياق جهود مجمع اللغة العربية لإثراء الحوار العلمي وإعادة الاعتبار للغة والبيان في فهم النصوص الشرعية، ضمن موسمه الثقافي الذي يشهد مشاركة نخبة من الأساتذة والباحثين من داخل ليبيا وخارج.