الرئيسية » الأقسام العلمية » قسم التاريخ » كلمة رئيس القسم

 بسم الله الرحمن الرحيم

   الحمد لله رب العالمين الذي جعل لكل شئ قدراً، وجعل لكل قدرٍ أجلاً، وجعل لكل أجل كتاباً، وصلي الله على سيدنا محمد النبي المختار الذى أُرسِل هادياً، ومبشراً ونذيراً، وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيراً، وعلى آله وأصحابه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

إن دراسة التاريخ في حقيقته تهدف إلى إبراز ذلك الحراك وتلك الحركة التاريخية للشعوب والأمم والدول  والناس أجمعين، وإظهار ذلك التطور الفكري الكبير السياسي والاقتصادي والاجتماعي والثقافي أيضاً، فهو يدرس النشأة والظهور والقوة، ويدرس فترة الانهيار والانحطاط والاضمحلال التي مرت بها تلك الشعوب والأمم، ومن الأهمية بمكان أن ترتبط دراسة المناهج والمدارس التاريخية بدراسة العلوم المساعدة والنظريات والدراسات العلمية الحديثة التي تعين التاريخ ودارسيه من الكتاب والمؤرخين أيما إعانة على توخي الحقيقة والركون إلى المصدوق من الأخبار والعلوم.

ولاشك في أن التاريخ كعلم ارتبط بعلوم ومعارف شتى كالجغرافيا والآثار والآداب وغيرها من العلوم والفنون الأخرى، حتى صار جزءاً كبيراً من مادته الإخبارية ونصوصه التاريخية تعتمد بشكل كبير على هذه العلوم والمعارف، كما أن المادة التاريخية والنص التاريخي مثل ركيزة مهمه ورافداً لا نظير له في حقل تلك العلوم والدراسات أيضاً، وعلى أية حال فإننا نكون منصفين جداً إذا اعتبرنا التاريخ علماً لا ريب فيه، له مدارسه ومناهجه المختلفة، وقد تطور هذا العلم ونصوصه ومادته التاريخية التي هدفها الوصول إلى الحقيقة، ولو في صورتها النسبية، بعيداً عن الخيال والتدليس والمبالغة.

كما أن المؤرخ يتتبع مراحل وقوع الحدث التاريخي وجمع مادته التاريخية ليصنفها ويرتبها، ومن ثم يحللها ويفسرها إلى أن يصل في نهاية المطاف إلى استخلاص النتائج والعبر والمواعظ والتوصيات، ساعياً إلى توظيف تلك النصوص التاريخية والمعلومات الإخبارية لما يصلح به حال الفرد والمجتمع.

كما لا يجب أن نقف أمام أن دراسة التاريخ تنحصر في الماضي وما وقع فيه من أحداث ووقائع سياسية واقتصادية واجتماعية وغيرها، وهي وإن كان التاريخ كعلم مادته الماضوية هي أساس تلك الدراسات والبحوث العلمية، فالدروس المستفادة من التاريخ لكل الناس والحكومات والدول تظل هاجس وهم لكل من بري قلمه لدراسة لتلك العصور والحقب، حتى إن عمل المؤرخ أصبح يحتم عليه أن يسابق الزمن وأن يرتضى بالعلم الذى يحمل مشعله ليكون  كما قيل أنه: معلم الحياة .

وقصارى القول أن نشأة وانطلاقة هذا القسم – قسم التاريخ – بكلية الآداب بزليتن كانت منذ أن أسس المعهد العالي لإعداد المعلمين في سنة 1986م، حيث مر القسم بمراحل عديدة تختلف في التغيرات التي طرأت على المعهد، لتصبح كلية للآداب والتربية، ثم كلية الآداب والعلوم إلى كلية الآداب مستقلة بذاتها، وتتغير تبعية هذا القسم وهذه الكلية من جامعة ناصر في البداية إلى جامعة المرقب فجامعة مصراته، ثم جامعة المرقب مرة أخرى، وأخيراً إلى الجامعة الأسمرية، وقد تخرج من قسم التاريخ على مدى العقود الماضية مئات من الطلاب  والطالبات، الكثير منهم  اليوم معلمون ومعلمات،  بمختلف  المراحل والمدارس بمدينة زليتن وغيرها من المدن الليبية الأخرى، وقد  باتت مسيرة وسيرة قسم التاريخ  معطاة مزهرة،  إذ أشرف  ونظم العديد من المؤتمرات والندوات والمحاضرات العلمية والثقافية منذ السنوات الأولى لانطلاقه، ومن العلامات الفارقة والمهمة في مسيرته العمل على افتتاح برنامج الدراسات العليا الماجستير، فكانت بداية هذا البرنامج لتدريس الدفعة الأولي مع مطلع عام 2002م، وتوالت الدفعات بعد ذلك لتخرج العديد من حملة الماجستير، ولازال مكتب الدراسات العليا بالقسم يسعى جاهداً للبدء في مرحلة الدكتوراه أيضاً.

د. مفتاح محمد التاجوري

hd.arts@asmarya.edu.ly