الرئيسية » البعد التاريخي ومراحل تطور الجامعة
البعد التاريخي
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد النبي الكريم وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه إلى يوم الدين، وبعد… فإن الجامعة الأسمرية الإسلامية ما هي إلا امتداد وتطور ثقافي وحضاري ومعرفي للزاوية الأسمرية، التي تأسست على يد الشيخ المربي الفاضل عبد السلام الأسمر بن سليم الفيتوري في العام 912 هـ الموافق للعام 1506م، الذي وضع لها أهدافا علمية وتربوية لمعالجة الأوضاع السائدة في البلاد في ذلك الوقت، من تفش للأمية وعدم استقرار اجتماعي وسياسي، فمن بين هذه الأهداف تحفيظ القرآن الكريم وتدريس العلوم الشرعة واللغوية كالعقيدة والفقه والحديث والتفسير وعلوم اللغة العربية لأبناء المسلمين، من خلال تنظيم الحلقات الدراسية لطلبة العلم. والأسمرية بدأت مؤسسةً وقفيةً عندما أوقف مؤسسها الشيخ عبد السلام بعض ممتلكاته عليها، واستمر المحسنون من بعده على خطاه بالوقف عليها، لما لمسوه من أثر علمي وثقافي واجتماعي في محيطهم، لتصبح بمرور الزمن مواردها الوقفية عاملا مساعدا في تطورها عمرانيا وعلميا. ومع بداية القرن العشرين حدث بالأسمرية نوع من التطور العمراني شمل مرافقها، تمثَّل في توسيع بيت الصلاة ، وإضافة حجرات عديدة لسكن الطلاب (الخلاوي) ومرافق خدمية أخرى، لتصبح بذلك مرَكَّبا كبيرا يستوعب الزيادة في عدد المشايخ وطلبة العلم والضيوف الذين كانوا يرتادوها، كما حدث بها تطور علمي كان أساسه قدوم ثلة من العلماء إليها لأجل التدريس بها، بعد أن تعلموا أساسا في الزاوية الأسمرية أو في غيرها من الزوايا العلمية القائمة في ليبيا، وأكملوا دراستهم في الجامع الأزهر بمصر، أو جامع الزيتونة بتونس، فكان لهم دور كبير في الارتقاء بالمستوى التعليمي بهذه المؤسسة وتطورها وجعلها في مصاف المعاهد الكبرى بالدول المجاورة، فقد تشكل بها نظام تعليمي حديث يشبه ما هو معمول به في الجامع الأزهر، بحيث تكون هناك مراحل ومناهج دراسية وشهادات علمية ومعلمون أكفاء، فنشأ المعهد الأسمري الديني من ثوب الزاوية الأسمرية مدرسةً علميةً يدرِّس العلوم الشرعة واللغوية، ويصدر شهادات علمية لطلابه بالنمط الحديث
والمعهد الأسمري الديني مر بعدة مراحل في فترات زمنية متعاقبة، حدث فيها تطور من حيث المراحل الدراسية والمناهج العلمية وطرق التدريس والإجازات والشهادات العلمية التي تمنح للطلاب كالتالي :
المرحلة الأولى:
كانت بين عامي 1935–1952م. والدراسة بها كانت على النظام الحر، أي أن للطالب الحق في اختيار الكتاب الذي سيتعلمه، والشيخ الذي سيدرسّه، دون التقيد بزمن معين، أما المناهج فكلها تتعلق بالعلوم الشرعية واللغوية كالفقه وأصوله والفرائض والتوحيد والحديث والتفسير والتجويد والمنطق والنحو والصرف والبلاغة، وبعد انتهاء الطالب من دراسة هذه الكتب على شيخه يمنح إجازة خطية بذلك في دفتر خاص عرف بدفتر شهادة التلامذة، بحيث يجيز كل شيخ في هذا الدفتر المواد التي ختمها الطالب على يديه، ثم استحدثت الشهادة العالمية في عام 1947م، التي تمنح للطالب بعد اجتيازه لامتحان شفوي تقوم به لجنة علمية تضم مجموعة من المشايخ من الزاوية نفسها ومن خارجها.
دفتر شهادات ممنوحة لأحد التلامذة بالزاوية “صادرة عن ناظر الأوقاف بالزاوية بتاريخ 30 جمادى الأولى 1356هـ (الموافق 1937م)”
(المصدر: مكتبة الزاوية الأسمرية)
المر حلة الثانية:
بين عامي 1952–1956م، وفيها تم إنشاء إدارة للتعليم، وقسمت الدراسة في هذه الفترة إلى ثلاث مراحل دراسية هي: المرحلة الابتدائية، ومدتها ثلاث سنوات يدرس بها الطالب الكتب الميسَّرة من العلوم الشرعية واللغوية ويمتحن في نهاية كل سنة، وبنجاحه في السنوات الثلاث يمنح إجازة بالشهادة الابتدائية، ثم ينتقل إلى مرحلة الشهادة الأهلية، ومدتها أربع سنوات يدرس فيها الطالب العلوم الشرعية واللغوية بشكل موسع، وبنجاح الطالب في السنوات الأربع يجاز بالشهادة الأهلية التي تمكنه من إعطاء الدروس للطلاب المبتدئين، وبعدها ينتقل الطالب إلى مرحلة الشهادة العالمية، ومدتها أربع سنوات يدرس فيها الطالب المناهج المتقدمة من العلوم الشرعية واللغوية، وبنجاحه في هذه المرحلة يجاز بالشهادة العالمية، التي تجيز له القيام بالتدريس في الأسمرية نفسها أو في الزوايا والمعاهد الأخرى وحتى في مدارس التعليم العام، ومن أبرز العلوم الشرعية واللغوية التي كان يدرسها الطلاب في هذه المراحل: علم التوحيد والفقه والنحو والصرف والبلاغة والعروض والمنطق وعلم الحديث وتفسير القرآن الكريم والمواريث والتجويد والفلك.
الشهادة الابتدائية للمعهد الأسمري ممنوحة لأحد التلامذة بعد نجاحه في الشهادة الابتدائية بالمعهد بمدينة زليتن “صادرة عن ناظر المعهد بتاريخ 15 شعبان 1373 هـ (الموافق لسنة 1954م)”
(المصدر: مكتبة الزاوية الأسمرية)
المرحلة الثالثة:
بين عامي 1956–1957م، وبها أصبحت المراحل الدراسية تتكون من: المرحلة الابتدائية ومدتها أربع سنوات، والمرحلة الثانوية ومدتها خمس سنوات، والمرحلة العالمية ومدتها أربع سنوات، أما المناهج في كافة المراحل الدراسية فكانت على نفس المناهج السابقة مع زيادة مناهج التاريخ والجغرافيا والتربية الصحية، واستمرت الدراسة بهذا النمط عاما واحدا، حتى انضمام المعهد الأسمري إلى معهد السيد محمد بن علي السنوسي كفرع منه في عام 1957م وتغيرت بذلك المراحل الدراسية وكذلك المنهج الدراسي، لتبدأ بذلك الفترة الرابعة من تطور التعليم بالأسمرية.
المر حلة الرابعة:
بين عامي 1957–1961م، وتميزت بتغير المراحل والمناهج الدراسية حسب ما هو معمول به في معهد السيد محمد بن علي السنوسي التي اقتبست من نظام الأزهر، فقسمت المراحل الدراسية إلى المرحلة الابتدائية ومدتها أريع سنوات يلتحق بها الطالب بعد حفظه للقرآن الكريم بالكتاتيب أو الزوايا، وبنجاح الطالب في الامتحان الذي يقام في كل سنة دراسية يتحصل على الشهادة الابتدائية التي تؤهله للانتقال إلى المرحلة الثانوية بالمعهد ومدتها خمس سنوات، وبإتمامها يمنح الطالب شهادة إتمام المرحلة الثانوية التي تؤهله للدراسة في إحدى الكليات ذات النمط المشابه في العلوم الشرعية واللغوية.
المرحلة الخامسة:
بين عامي 1962–1986م، بإعادة تنظيم معهد السيد محمد بن علي السنوسي الديني ليصبح جامعة إسلامية في عام 1962م، حدث تطوير في المراحل والمناهج الدراسية لتصبح مراحل الدراسة مقسمة إلى ثلاث مراحل: الابتدائية والاعدادية والثانوية، ولفترة ثلاث سنوات لكل منها، وفي أواخر هذه المرحلة زيدت ثلاث سنوات أخرى للمرحلة الابتدائية التي أصبحت تتمثل في المدارس القرآنية، كما عدلت المناهج لتصبح المواد الدراسية تشمل العلوم التطبيقية والعلوم الاجتماعية إلى جانب العلوم الشرعية واللغوية. وبإتمام المراحل الثلاث وبحصول الطالب على الشهادة الثانوية مؤهلا للدراسة في كلية الشريعة أو كلية أصول الدين أو كلية اللغة العربية التي تتبع الجامعات الليبية، أو الجامعات الأخرى في العالمين العربي والإسلامي، أو العمل في مؤسسات الدولة، أو العمل إماماً وخطيباً ومحفظاً للقرآن الكريم بإحدى المدارس القرآنية. استمرت الدراسة بالمعهد على هذا المنوال حتى عام 1986م عندما صدر قرار من أمانة التعليم (سابقاً) بإلغاء التعليم الديني في ليبيا، إلا أنه استمر في الزاوية بنظام الحلقات العلمية أي النظام التقليدي – ولم ينقطع منها، حتى عاد من جديد بهيئته الرسمية الحديثة بقرار من أمانة التعليم (سابقاً) في عام 1996م عندما أعيد نظام التعليم الديني العام تحت مسمى المنارات الشرعية (الثانويات الشرعية) لتكون منارة الأسمري من بينهن.
نشأة الجامعة:
وفي رحاب الزاوية الأسمرية بمدينـة زليـتن ومن رحمها كـان مـيلاد الجامعـة الأسـمرية الإسلامية، ولاشك أن امتداد الإرث التاريخي لمؤسسة تربوية لما يزيد عن خمسة قرون يعد عنصراً مهمـاً فـي مسـيرتها ؛ ليس محفزاً لعملية التحول والتطور فحسب، بل يسرَّع الخطى نحو تحقيق الهدف المنشود من إنشاء الجامعة؛ إذ نجد ذلك في نشأة الجامعة بالقرار رقم (257) لسنة (1415 هـ ــ 1996م) الصادر عن اللجنة الشـعبية العامة (سابقاً) بإنشاء الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية، فقد تضمن نص القرار “(تنشأ وفقاً لأحكام هذا القرار مؤسسة علمية تسمى الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية تكون لها الشخصية الاعتبارية والذمة المالية المستقلة وتتبع اللجنة الشعبية العامـة للتعلـيم والبحـث العلمـي (سـابقاً)”، تُعنـى بالتعليم الديني وإحياء التراث الإسلامي في إطار التعليم الجامعي، كما تشرف على التعليم الـديني فـي المنارات الدينية وثانويات العلوم الشرعية، وتتبعها الأقسام العلمية التالية: قسم الشريعة والقانون، وقسم أصول الدين، وقسم اللغة العربية والدراسات الإسلامية.
وبتاريخ (27/01/2004م) أصدر الأمين المساعد لشؤون الخدمات (سابقاً) القرار رقم (269) بشأن تغيير الأقسام العلمية الثلاثة بالجامعة إلى كليات، بالإضافة إلى كلية أخرى هي كلية الدعوة والإمامة والخطابة.
وفي سنة (2007م) ضُمت إلى الجامعة كلية العلوم الشرعية مسلاتة التي كانت تابعة لجامعة المرقب، كما أنشئت بالجامعة كليتان للدراسات الإسلامية، واحدة بمدينة سبها والأخرى بمدينة البيضاء، وهي التي انفصلت عن الجامعة سنة (2012م) لتكون نواة لجامعة السيد محمد بن علي السنوسي التي أعيد بعثها من جديد.
الجامعة حالياً:
وجاء تعديل اسم الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية وفق قرار مجلس الـوزراء رقـم (444) لسنة 2013م الصادر بتاريخ 29 رمضان، 1434 هـ الموافق (07/08/2013م) “بتقرير بعـض الأحكـام في شأن الجامعة الأسمرية للعلوم الإسلامية” الذي تضمن ”تعديل تسمية الجامعة الأسمرية للعلـوم الإسلامية لتصبح (الجامعة الأسمرية الإسلامية)، ونقل تبعية الكليات العلمية الموجودة بمدينـة زليتن التابعة لجامعة المرقب إلى الجامعة الأسمرية الإسلامية، وهي: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية، التي عدل اسمها فيما بع إلى كلية الاقتصاد والتجارة، وكلية طب وجراحة الفم والأسنان، وكلية الموارد البحرية، وكلية التربية، وكلية الآداب، وكلية العلوم كما نص القرار على جواز استحداث كليات جديدة تابعة للجامعة وفقاً للاحتياجات، وقد تم استحداث كليات: العلوم الإنسانية للبنات، والهندسة، وتقنية المعلومات، والطب البشري والصيدلة، والصحة العامة والتمريض التي عدل اسمها لاحقا إلى كلية العلوم الصحية، بينما تم ضم كليتي أصول الدين والدعوة والإمامة والخطابة في كلية واحدة تحت مسمى كلية الدعوة وأصول الدين.
وقد أدى هذا القرار إلى تطور ملحوظ في رؤية الجامعة ورسالتها وأهدافها وأنشطتها وبرامجها التعليمية والبحثية، بحيث لم تعد جامعة متخصصة في العلوم الإسلامية فقط، بل أضيفت إليها بقية العلوم والمعارف الأخرى الإنسانية والتطبيقية، وبما يلبي حاجة المجتمع وتطوره.
وقد توالى إنشاء الكليات التابعة للجامعة في عدد من مناطق ليبيا وبخاصة ذات الطبيعة الإسلامية، عن طريق الاستحداث أو عن طريق ترفيع القاعات الدراسية إلى كليات.
ففي سنة (2015م) تم ترفيع القاعات الدراسية بمدينة مسلاتة التابعة لكلية الاقتصاد بجامعة المرقب إلى كلية تابعة للجامعة الأسمرية الإسلامية تحت مسمى كلية التجارة والاقتصاد الإسلامي، التي عدل اسمها فيما بعد إلى كلية الاقتصاد مسلاتة.
وفي سنة (2018م) استحدثت كلية جديدة تابعة للجامعة بمدينة أوباري تحت مسمى كلية الشريعة والقانون أوباري.
وفي سنة (2022م) تم ترفيع القاعات الدراسية بزاوية المحجوب مصراتة إلى كلية تحت مسمى كلية العلوم الشرعية بزاوية المحجوب، والقاعات الدراسية بغات إلى كلية تحت مسمى كلية الشريعة والقانون غات، واستحدثت كلية للعلوم الشرعية بمدينة بنغازي تابعة للجامعة.
وهناك عديد المكاتبات من شرق البلاد وغربها وشمالها وجنوبها، من جهات رسمية وشعبية تطالب بإنشاء كليات متخصصة في العلوم الإسلامية تابعة للجامعة، وهذا راجع لما تمثله الأسمرية في وجدان الليبيين وموروثهم الثقافي الضارب بجذوره في أعماق التاريخ.
تواصل معنا
البريد الإلكتروني:
info@asmarya.edu.ly
رقم الهاتف:
00218514620044
00218514626679
00218514623231
التواصل الاجتماعي
العنوان:
الإدارة العامة للجامعة
شارع البيئة
مدينة زليتن
ليبيا
تواصل معنا
البريد الإلكتروني
info@asmarya.edu.ly
رقم الهاتف
00218514620044
00218514626679
00218514623231
التواصل الاجتماعي
العنوان:
الإدارة العامة للجامعة
مدينة زليتن
شارع البيئة
ليبيا